الثلاثاء 26 نوفمبر 2024

رحلة الأثام بقلم منال سالم

انت في الصفحة 38 من 79 صفحات

موقع أيام نيوز

نفس المنوال
أنا من غيرك أقدر أحقق أحلامي بنفسي مش مستنية أستفيد منك بحاجة 
في التو هددها مباشرة
وأنا سهل عليا جدا أدمرها ومن غير مجهود 
اشتعلت عيناها على الأخير فقال باستخفاف
ماتبصليش كده 
تأويهة خاڤتة انفلتت منها عندما أطبق على فكها يعتصره وهو يخاطبها
اللعب معايا مش سهل خالص يا دكتورة 
وضعت يدها على كفه تريد انتزاعه فأرخى أصابعه عنها لتهمهم في ألم
أنا بكرهك 
استخدم يده الأخرى في المسح على وجنتها قائلا
كويس عاوزك تفضلي كده 
انتفضت من لمسته التي اعتبرتها مقززة وهتفت به 
كنت غبية لما صدقت إن واحد زيك كويس 
لم تنتظر رده على كلامها بل تحركت منصرفة بعيدا عنه بخطوات شبه مسرعة نحو سلم الدرج ليلحق بها هاتفا
أنا ماسمحتلكيش تمشي 
ثم قبض عليها من ذراعها ليوقفها عنوة لم تقبل بإمساكه لها وثارت عليه محاولة انتشال ذراعه من بين أصابعه
ماتمسكنيش شيل إيدك عني 
نجحت في الإفلات منه مستخدمة كامل قوتها واستدارت بعصبيتها الجمة للأمام غير منتبهة لموضع قدمها فزلت وانكفأت على وجهها فاقدة لاتزانها لتسقط في حلقات دائرية بطول سلم الدرج وصوت صړاخها المڤزوع يرن في جنبات المكان تسمر مهاب في مكانه مصډوما مما حدث لها وصاح يناديها
تهاني!
مغلفا بصمته ومستغرقا في تفكير عميق مكث مهاب في الرواق على أحد المقاعد الجلدية بالمشفى بعدما تصاعدت الأحداث واتخذت مسارا مفاجئا غير الذي كان مرسوما له بالطبع لكون الحاډثة التي تعرضت لها زوجته خطېرة رغم أنها لم تكن بقصد منه إلا أنها جعلته محط الاتهام والتساؤلات فخضع للتحقيق المدقق كإجراء قانوني متبع شهد بما حدث موضحا تفاصيل وقوعها إلا أنه تغاضى عن الإبلاغ بشجارهما الذي نشب مدعيا أنها كانت متلهفة للعودة إلى منزلهما لتجديد شوقهما فغفلت عن الانتباه لخطواتها وتعرقلت على الدرج ولم يتمكن من إنقاذها 
استفاق مهاب من شروده عندما سأله رفيقه 
عملت إيه التحقيقات خلصت ولا لسه
أجابه بتعبيرات واجمة
لسه 
استطرد ممدوح يسأله في خبث كأنما يتأكد من شكوكه ناحيته
هما مفكرين إنك زقتها على السلم ولا إيه
حدجه بنظرة ڼارية قبل أن يجيبه
لو حابب أخلص منها طبيعي أعمل ده من غير شهود يا ممدوح أنا مش غبي أوي كده 
توقف عن التحديق في وجهه عندما خرج إليه أحد الأطباء من الداخل ليخاطبه
دكتور مهاب 
نهض قائما فاستأنف الطبيب كلامه بتردد
احنا للأسف مضطرين نلجأ للولادة القيصرية 
ظهر القلق الشديد على وجه ممدوح بينما ظلت تعابير مهاب غير مقروءة خاصة والطبيب يؤكد بنبرة شبه آسفة
الوضع صعب والتدخل الفوري مطلوب حفاظا على حياة الأم والجنين اللي في بطنها 
لم ينبس بكلمة وأبقى على صمته المريب فكرر عليه الطبيب لمرة أخرى
محتاجين موافقتك باعتبارك زوج المړيضة 
ظهرت الحيرة في عيني ممدوح وابتلع ريقه متوقعا الرفض من قبل رفيقه فمنذ متى يهتم لأحدهم لكنه فاجأه عندما هتف بصوت حازم
اعمل المطلوب 
هز الطبيب رأسه بالإيجاب فتابع مهاب إملاء أوامره عليه
اسمعني كويس اللي يهمني الجنين مفهوم
قال بعد زفرة سريعة 
احنا هنعمل اللي علينا وزيادة 
بعينين متحفزتين تطلع ممدوح إليه رغم كل شيء لم يمنعه ضيقه من سؤاله غير المتدبر
هي مش فارقة معاك ولا إيه
لم ينظر تجاهه وهمهم وهو يستقر جالسا على مقعده
مش وقته الكلام ده!
بحث عن شيء ليخبره به لكنه لم يجد لذا هسهس مع نفسه في استحقار
للندالة عنوان!
الانتظار الطويل المحمل بالتكهنات بالخارج
كان مزعجا له ربما لو استخدم سلطته لولج بلا أي تعقيد لداخل
غرفة العمليات وتابع ما يدور بنفسه لكنه للمرة الأولى في حياته يرتاع من فكرة تواجده فقطعة منه تسبب بدون قصد منه في إيذائها تأهب في جلسته وانتفض دفعة واحدة عندما أطل الطبيب من الداخل ليعطيه البشارة بوجه مبتسم
ألف مبروك يا دكتور مهاب الحمدلله الخطړ زال والأم والولد بخير 
غفل عن الجزء المتعلق بزوجته وأبدى كامل تركيزه مع كلماته الأخيرة متسائلا ليتأكد مما سمع
هي جابت ولد
رد بنفس الوجه المبتسم وبإيماءة من رأسه
أيوه 
انفرجت أساريره بابتسامة كانت مصحوبة بخفقة قوية في صدره رأى ممدوح ما طرأ عليه من تغيير غريب ومريب وراقبه دون تدخل عاد الطبيب ليكلمه
شوية وهننقل المدام بعد ما تفوق على أوضة خاصة بيها 
مرة ثانية لم يكترث لحديثه عنها وسأله مهاب مستعلما
الولد كويس
جاوبه في الحال
بخير بيتم فحصه جوا اطمن 
أحس مهاب بنوبة من الارتياح تتخلل أوصاله بينما الطبيب لا يزال يحادثه
صحيح الولادة كانت بدري عن ميعادها بس الحمدلله عدت على خير 
ضن عليه بأي رد يظهر اهتمامه بها وانشغل بتفكيره في المولود الصغير الذي سيحمل اسمه ولقب عائلته انتبه لرفيقه عندما هنأه وهو يربت على ظهره بخفة
مبروك يا صاحبي بقيت أب 
ثم تصنع الضحك واستأنف يسأله في لؤم
أكيد الباشا الكبير هيفرح لما يعرف بخبر عظيم زي ده ولا هو معندوش خبر بجوازك
حينئذ برزت نظرة مسيطرة في عيني مهاب وهو يقول بغرور واثق
لأ عرف ولاد الحلال خدموني الصراحة!
خيل إليه أنه يتهمه بنظرته تلك كاد أن يبرر له لولا أن خرجت إحدى الممرضات من الداخل وهي تحمل لفافة قماشية تقدمت بها نحو مهاب وهي تخاطبه
اتفضل يا دكتور ابن حضرتك 
وكأنه صعق بلمسة غير متوقعة من سلك يسري فيه تيار كهربي حينما امتدت ذراعاه وحمل عنها طفله البكري قربه من صدره ببطء وراح يتأمله بنظرات ملية مدهوشة حائرة غير مصدقة حقا أنه يضم بين يديه لحمه ودمه راقبه ممدوح بسحنة مغتاظة طغى عليه غليل نفسه وأردف معلقا عليه في أسلوب شبه متهكم ليحقر من أهمية هذه اللحظة الفريدة التي يعايشها
منظرك غريب أوي مين كان يصدق إن الدكتور مهاب يبقى أب بالسرعة دي أكيد إنت مصډوم!
للغرابة لم يبال مهاب بسخريته الظاهرة ولا باستخفافه بمسألة إنجاب زوجته لطفل في ولادة مبكرة بل كان منشغلا بما يحمل بقيت نظراته تحوي رضيعه دون غيره وأخبره بصدق عجيب
هتصدقني لو قولتلك إن دي لحظة ما تتعوضش 
وكأنه يزيد من اندلاع النيران بأعماقه بالإفصاح عن حقيقة مشاعره لذا استهان بها مدعيا ضحكه
معقولة إنت بتحس صعب أقتنع بصراحة!
سدد له نظرة مزدرية قبل أن يعقب عليه
تقتنع أو لأ مايهمنيش دلوقتي 
ابتلع إهانته البادية في نظرته إليه وسأله كنوع من المزاح
ماشي يا سيدي على كده ناوي تسميه إيه بقى
كان كمن صعد نجمه إلى السماء في طرفة عين بميلاده غير المرتب له خاصة إن علم والده أن حفيده البكري ذكرا فكم كان ينتظر لحظة كتلك وإن لم يكن راضيا عن زيجته! ابتسم في حبور ليترك لرضيعه سبابته ليلف أصابعه الضئيلة عليه ثم قال في شموخ 
بفكر في أوس !!
يتبع الفصل الثامن عشر
الفصل الثامن عشر الجزء الأول
أوس
بعد نجاح عملية الولادة القيصرية لها تم نقلها إلى غرفة منفردة لتقوم إحدى الممرضات برعايتها الرعاية اللازمة ريثما تستفيق كليا كانت تهاني تشعر بآلام متفرقة في أنحاء عظام جسدها وذلك كردة فعل طبيعية جراء اصطدامها العڼيف والمتكرر على طول درجات السلم تأوهت في صوت واهن وهي تحرك رأسها للجانبين على الوسادة تجمعت الدموع في عينيها وراح صوت أنينها يرتفع بالتدريج انحنت عليها الممرضة لتضبط غطاء شعرها البلاستيكي وسألتها إن كانت تريد شيئا فأخبرتها الأخيرة بسؤال وبهمس شبه مسموع
اللي في بطني عايش
أجابتها في التو وبابتسامة مشرقة على محياها
أيوه ما شاء الله ابنك بخير 
خفق قلبها بقوة وردت بصدر ينهج
ابني!!
استغرقها الأمر لحظات معدودة لتخامر هذا الشعور الرائع بكونها قد أنجبت وصارت أما بلهفة ممزوجة بالحماس هتفت تطلب منها رغم
انخفاض نبرتها
عاوزة أشوف ابني 
ربتت الممرضة بحنو على كتفها قائلة بنفس الوجه الباسم
اطمني هيجيلك هنا كمان شوية 
أغمضت تهاني عينيها لهنيهة مستمتعة بذلك الإحساس الخلاب لتظل تردد على لسانها بتنهيدة متشوقة
ابني 
راودتها ذكرى مشوشة للحظة سقوطها من على الدرج فتنفست الصعداء لكونها قد مرت وانقضت على خير تنبهت لصوت الباب وهو يفتح لتجد أحد الأطباء يلج منه مخاطبا إياها بشيء من الودية
حمدلله على السلامة يا دكتورة 
نظرت تجاهه وردت وهي تحاول الابتسام
الله يسلمك 
تفقد اللوح المعدني المدون عليه آخر الملحوظات المتعلقة بشأنها والمتدلي من على طرف فراشها ثم سألها مهتما
حاسة بإيه
تحسست جبينها وأخبرته بإيجاز
تعبانة 
هز رأسه في تفهم وقال
متقلقيش شوية وهترتاحي 
اقترب منها ليفحصها عن قرب ثم أضاف
أنا موصي الممرضة وهي هتقوم باللازم معاكي 
استمر في فحص أنبوب المحلول الموصول برسغها وهو يخاطبها
بصراحة أنا مكونتش متخيل إن رغم صعوبة وضع العملية إنها تعدي على خير 
ضيقت عيناها ناحيتها فابتسم أكثر وقال
إنتي والمولود كويسين 
عند ذكر رضيعها صاحت تسأله في لهفة
عاوزة أشوف ابني هو فين
أجابها ببساطة وهو يكتف ساعديه أمام صدره
مع دكتور مهاب باباه!
عندئذ انتابها الفزع هربت الډماء من وجهها المتعب وهمهمت في صوت متقطع مستشعرة تلاحق دقات قلبها
مهاب!!
اندهش للتغير الذي طرأ على ملامحها وبدا متعجبا أكثر حين سألته في صوت خائڤ للغاية
هو فين
لم يعرف بماذا يجيب فشأنهما معا لا يخصه لذا فضل أن يتحدث بحيادية فتكلم في هدوء
أنا عاوزك تهتمي بصحتك بجانب اهتمامك بالمولود ده چرح خطېر محتاج وقت عقبال ما يلم وإنتي فاهمة طبعا يا دكتورة 
كان الشائع في هذه الفترة الزمنية وضع النساء لحملهن بصورة طبيعية فكان من النادر اللجوء للولادة القيصرية إلا في الحالات القصوى التي تتطلب ذلك وبالتالي اضطر الطبيب أن يزيد من الاستفاضة في إسداء النصح لها تجنبا لأي مضاعفات قد تنعكس بالسلب عليها فأكمل على نفس النهج
ويا ريت تظبطي مع دكتورة نسا بحيث تاخدي وسيلة قبل ما تفكري تحملي تاني 
تجاهلت كل ما قاله وهتفت ترجوه
بنظرتها قبل نبرتها
أنا عاوزة ابني 
أومأ برأسه مرددا وهو يهم بالتحرك مبتعدا عن سريرها الطبي
متقلقيش 
شيعته بنظراتها اللهفى إلى أن خرج من غرفتها وهي تتحرق بشدة لرؤية وليدها تنفست بعمق قبل أن تحرر الهواء من صدرها في هيئة زفير بطيء تعلقت عيناها بسقف الغرفة وأخذت تحدث نفسها في قليل من الراحة
ابني كويس الحمدلله 
طال انتظار وصول رضيعها إليها وراح شعور الاطمئنان الذي غمرها يتلاشى ليحل كبديل عنه شعور الخۏف والاضطراب تضاعفت مخاوفها بصورة مرعبة عندما وجدت زوجها يقف عن عتبة الباب يراقبها بنظرات قاسېة للغاية جعلتها ترتجف في رقدتها حاولت الاعتدال فاجتاحتها موجة من الألم لكنها لم تتفوق على رهبتها منه تمتمت باسمه
في صوت مرتعش
مهاب!
تقدم مختالا في خطواته ناحيتها دون أن ينطق بشيء فقط عيناه تحومان عليها كأنما يتعمد استثارة أعصابها وزيادة ارتياعها منه تسارعت نبضات قلبها وسألته في صوت لاهج ما زال مرتجفا
فين ابني
وقف أمام فراشها يطالعها من علياه

بنظرات دونية احتقارية تحمل الإهانة في طياتها أجابها مقتضبا في الكلام بعد صمت بدا لها ممتدا وكأنه لا ينتهي أبدا
موجود 
نظرته إليها لم تكن مريحة بالمرة شعرت من خلال تأملها المړتعب لملامحه أنه يكمن لها شيئا وزاد ذلك الهاجس قوة عندما استطرد قائلا من جديد
بس الأول في حاجة لازم أقولهالك 
هزت رأسها كأنما تسأله دون كلام فأخبرها باسما في تشف أصابها
37  38  39 

انت في الصفحة 38 من 79 صفحات